کد مطلب:52980 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:259

ائمة الإمامیة معصومون منزهون مشهورون بالعلم و الفضل











إنّ الإمامیّة أخذوا مذهبهم عن الأئمّة المعصومین المشهورین بالفضل والعلم والزهد والورع والاشتغال فی كلّ وقت بالعبادة والدعاء وتلاوة القرآن والمداومة علی ذلك من زمن الطفولیّة إلی آخر العمر، ومنهم تعلّم الناس العلوم[1] ؛ ونزل فی حقّهم «هل أتی»[2] ، وآیة الطهارة[3] ، وإیجاب المودّة لهم[4] ، وآیة الابتهال[5] وغیر ذلك. وكان علیّ علیه السلام یصلّی فی كلّ یوم ولیلة ألف ركعة، ویتلو القرآن مع شدّة ابتلائه بالحروب[6] والجهاد؛ فأوّلهم علیّ بن أبی طالب علیه السلام، كان أفضل الخلق بعد رسول اللَّه صلی الله علیه وآله، وجعله اللَّه تعالی نفسَ رسول اللَّه؛ حیث قال: «وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ»[7] ، وآخاه الرسول صلی الله علیه وآله وزوّجه ابنته، وفضلُهُ لایُحصی[8] ، وظهرت عنه معجزات كثیرة حتّی ادّعی قوم فیه الربوبیّة[9] وقتلهم، وصار إلی مقالتهم آخرون إلی هذه الغایة، كالنصیریّة والغُلاة. وكان ولداه سبطا رسول اللَّه صلی الله علیه وآله سیّدا شباب أهل الجنّة إمامَیْن بنصّ النبیّ صلی الله علیه وآله، وكانا أزهد الناس وأعلمهم فی زمانهم، وجاهدا فی سبیل اللَّه حتّی قُتلا، ولبس الحسن[10] الصوف تحت ثیابه الفاخرة من غیر أن یُشْعِر أحداً بذلك.

وأخذ النبیّ صلی الله علیه وآله یوماً الحسین علی فخذه الأیمن، وولده إبراهیم علی فخذه الأیسر، فنزل علیه جبرئیل علیه السلام وقال: إنّ اللَّه لم یكن لیجمع لك بینهما، فاختَرْ مَن شئتَ منهما، فقال صلی الله علیه وآله: إذا مات الحسین بكیتُ علیه أنا وعلیّ وفاطمة، وإذا مات إبراهیم بكیتُ أنا علیه؛ فاختار موت إبراهیم، فمات بعد ثلاثة أیّام، فكان[11] إذا جاء الحسین بعد ذلك یقبّله ویقول: أهلاً ومرحباً بِمَنْ فدیتُه بابنی إبراهیم[12] .

وكان علیّ بن الحسین زَین العابدین یصوم نهاره ویقوم لیله، ویتلو الكتاب العزیز، ویصلّی كلّ یوم ولیلة ألف ركعة[13] ، ویدعو بعد كلّ ركعتَیْن بالأدعیة المنقولة عنه وعن آبائه علیهم السلام، ثمّ یرمی الصحیفة كالمتضجّر، ویقول: أنّی لی بعبادة[14] علیّ! وكان یبكی كثیراً حتّی أخذت الدموع من لحم خدَّیه، وسجد حتّی سُمّی ذا الثفنات، وسمّاه رسول اللَّه صلی الله علیه وآله سیّد العابدین.

وكان قد حجّ هشام بن عبدالملك فاجتهد أن یستلم الحجر فلم یمكنه من الزحام[15] ، فجاء زین العابدین علیه السلام فوقف الناس له وتنحّوا عن الحجر حتّی استلمه، ولم یبقَ عند الحجر سواه، فقال هشام: مَن هذا؟ فقال الفرزدق الشاعر:


هذا الذی تعرف البطحاءُ وطأته
والبیتُ یعرفه والحِلُّ والحَرَمُ


هذا ابن خیر عباد اللَّه كلّهمُ
هذا التقیُّ النَّقیُّ الطاهرُ العَلَمُ


یكادُ یُمْسِكُهُ عِرفانَ راحتِه
رُكنُ الحطیمِ إِذا ما جاء یَستلمُ


إذا رَأتْهُ قریشٌ قال قائلُها
إلی مكارمِ هذا ینتهی الكرمُ


إن عُدّ أهلُ التُّقی كانوا أئمّتَهم
أو قِیلَ مَن خیر خلق اللَّه قیل هُمُ


هذا ابن فاطمة إنْ كنتَ جاهله
بجَدِّه أنبیاءُ اللَّهِ قد خُتموا


یُغضی حَیاءً ویُغضی من مَهابته
فما یُكلَّمُ إلّا حینَ یبتسمُ


ینشقُّ نورُ الهُدی عن صُبح غُرَّتِهِ
كالشمس تَنجاب عن إشراقها الظُلمُ


مشتقّةٌ من رسول اللَّه نَبْعَتُهُ
طابَتْ عَناصِرُهُ والخِیمُ[16] والشِّیَمُ


اللَّهُ شرّفه قِدْماً وفضّله
جری بذاكَ له فی لَوحةِ القلمُ


مِنْ مَعشَرٍ حُبّهم دِینٌ وبُغضُهُم
كُفْرٌ وقُربُهُم مَلْجاً ومُعْتَصَمُ


لا یَستطیع جَوادٌ بُعْدَ غایتهم
ولا یُدانیهِمُ قومٌ وإن كَرمُوا


هُمُ الغیوثُ إذا ما أَزْمَةٌ أَزِمَتْ[17] .
والأُسْدُ أُسْدُ الشَّری والرأیُ مُحْتَدِمُ


لا ینقصُ العُسرُ بَسْطاً من أكفّهِمُ
سَیّانَ ذلك إِن أثْرَوا وإن عَدِموا


ما قال لا قطُّ إلّا فی تشهّده
لولا التشهّدُ كانت لاؤُهُ نَعمُ


یُستَدْفَعُ السوءُ والبلوی بحبّهمُ
ویُستَرَقُّ به الإحسانُ والنِّعَمُ


مقدّمٌ بعد ذِكر اللَّه ذِكرُهُمُ
فی كلِّ برٍّ[18] ، ومختومٌ به الكلمُ


مَن یعرفِ اللَّهَ یعرفْ أولویّةَ ذا
الدینُ مِنْ بیتِ هذا نالَهُ الأُمم


ولیس قولُكَ: مَنْ هذا بضائرهِ
العُرْبُ تعرفُ مَن أنكَرْتَ والعَجَمُ[19] .

فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق بین مكّة والمدینة، فبعث إلیه الإمام زینُ العابدین علیه السلام بألف دینار، فردّها وقال: إنّما قُلت هذا غضباً[20] للَّه ولرسوله، فما آخذ علیه أجراً.

فقال علیّ بن الحسین علیه السلام: نحن أهلُ بیتٍ لایعود إلینا ما خرج منّا؛ فقبلها الفرزدق.

وكان بالمدینة[21] قومٌ یأتیهم رزقهم لیلاً ولا یعرفون ممّن هو[22] ، فلمّا مات مولانا الإمام زین العابدین علیه السلام[23] انقطع ذلك عنهم، وعرفوا به أنّه كانَ منه علیه السلام[24] .

وكان ابنه محمّد الباقر علیه السلام أعظم الناس زُهداً وعبادة، بَقر السجودُ جبهَتَه، وكان أعلم أهل وقته[25] ، سمّاه رسول اللَّه صلی الله علیه وآله الباقر.

وجاء جابر بن عبداللَّه الأنصاریّ إلیه وهو صغیر فی الكتّاب، فقال له: جدّك رسول اللَّه صلی الله علیه وآله یسلّم علیك، فقال: وعلی جدّی السلام، فقیل لجابر: كیف هذا؟ قال: كنتُ جالساً عند رسول اللَّه صلی الله علیه وآله، والحسین فی حِجره وهو یلاعبه[26] ، فقال: یا جابر! یولد له مولود اسمه علیّ، إذا كان یوم القیامة نادی منادٍ: لیقم سیّد العابدین! فیقوم ولده، ثمّ یولد له مولود اسمه محمّد الباقر، إنّه یبقر العلم بقراً، فإذا أدركتَه فأَقْرِئْهُ مِنّی السلامَ[27] .

روی عنه أبوحنیفة وغیره.

وكان ابنه الصادق علیه السلام أفضل أهل زمانه وأعبدهم[28] .

قال علماء السیرة:[29] إنّه انشغل[30] بالعبادة عن طلب الریاسة.

قال عمرو بن أبی المقدام:[31] كنتُ إذا نظرتُ إلی جعفر بن محمّد علمتُ أنّه من سلالة النبیّین[32] .

وهو الذی نُشِرَ منه فقه الإمامیّة والمعارف الحقیقیّة والعقائد الیقینیّة، وكان لا یُخبر بأمرٍ إلّا وقع، وبه سمّوه الصادق الأمین.

وكان عبداللَّه بن الحسن جمعَ أكابرَ العلویّین للبیعة لولده[33] ، فقال له الصادق علیه السلام: إنّ هذا الأمر لا یتمّ! فاغتاظ من ذلك، فقال:[34] إنّه لصاحب القباء الأصفر؛ وأشار بذلك إلی المنصور، فلمّا سمع المنصور بذلك فرح لعلمه بوقوع ما یُخبِرُ به، وعلم أنّ الأمر یصل إلیه؛ ولمّا هرب[35] كان یقول: أین قول صادقهم؟! وبعد ذلك انتهی الأمر إلیه[36] .

وكان ابنُه موسی الكاظم علیه السلام یُدعی بالعبد الصالح، كان أعبد أهل وقته، یقوم[37] اللیل ویصوم النهار، سُمّی[38] الكاظم لأنّه كان إذا بلغه عن أحد شی ء بعث إلیه بمالٍ، ونقل فضلَه المخالفُ والمؤالف.

قال ابن الجوزیّ من الحنابلة عن شقیق البلخیّ، قال: خرجتُ حاجّاً فی سنة تسع وأربعین ومائة، فنزلت «القادسیّة»، فإذا شابّ حسن الوجه، شدید السمرة، علیه ثوب صوف، مشتمل بشملة، فی رجلیه نعلان، وقد جلس منفرداً عن الناس، فقلتُ فی نفسی: هذا الفتی من الصوفیّة یرید أن یكون كَلّاً علی الناس، واللَّهِ لأمضینّ إلیه وأُوبّخه[39] ، فدنوتُ منه، فلمّا رآنی مقبلاً، قال: یا شقیق! «اجْتَنِبُوا كَثِیراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ»![40] [41] فقلتُ فی نفسی: هذا عبدٌ صالح قد نطق علی ما[42] فی خاطری، لأَلحقنّه ولأسألنّه أن یحلّلنی[43] ، فغاب عن عینی.

فلمّا نزلنا «واقصة»، (إذا به یصلّی)[44] وأعضاؤه تضطرب، ودموعه تتحادر، فقلت: أمضی إلیه وأعتذر؛ فأوجز فی صلاته، ثمّ قال: یا شقیق، «وَإِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَی»[45] ، فقلت: هذا من الأبدال قد تكلّم علی سرّی مرّتین.

فلمّا نزلنا «زبالة» إذا به قائم علی البئر وبیده ركوة یرید أن یستقی ماءً، فسقطت الركوة فی البئر، فرفع طرفه[46] إلی السماء، وقال: أنتَ ربّی إذا ظمئتُ إلی الماء، وقُوتی إذا أردتُ الطعام، یا سیّدی ما لی سواها!

قال شقیق: فواللَّه لقد رأیتُ البئر قد ارتفع ماؤها، فأخذ الركوة وملأها وتوضّأ وصلّی أربع ركعات، ثمّ مال إلی كثیب رمل هناك، فجعل یقبض بیده ویطرحه فی الركوة ویشرب[47] ، فقلتُ: أطعِمنی من فضل ما رزقك اللَّه وأنعم اللَّه علیك![48] فقال: یا شقیق، لم تزل نعم اللَّه علینا ظاهرة وباطنة، فأحسِنْ ظنّك بربّك؛ ثمّ ناولنی[49] الركوة، فشربتُ منها فإذا سویق وسكّر ما شربتُ - واللَّه - ألذّ منه وأطیب ریحاً[50] ، فشبعت ورویت وأقمت أیّاماً لا أشتهی طعاماً ولا شراباً، ثمّ لم أره حتّی دخل[51] مكّة، فرأیتُه لیلةً إلی جانب قبّة السراب[52] نصف اللیل یصلّی بخشوع وأنین وبكاء، فلم یزل كذلك حتّی ذهب اللیل، فلمّا طلع الفجر جلس فی مصلّاه یسبّح، ثمّ قام إلی صلاة الفجر، وطاف بالبیت اُسبوعاً، وخرج فتبعته فإذا[53] له حاشیة وأموال[54] وغلمان، وهو علی خلاف ما رأیتُه فی الطریق، ودارَ به الناس یُسلّمون علیه ویتبرّكون به، فقلتُ لبعضهم: مَن هذا؟ فقال: موسی بن جعفر علیهما السلام، فقلتُ: قد عجبتُ أن تكون هذه العجائب[55] إلّا لمثل هذا السیّد. رواه الحنبلیّ[56] .


وعلی یده علیه السلام تاب بشر الحافیّ[57] ؛ لأنّه علیه السلام اجتاز علی داره ببغداد، فسمع الملاهی وأصوات الغناء والقَصَب تخرج من تلك الدار، فخرجت جاریة وبیدها قمامة البقل فرمت بها[58] فی الدرب؛ فقال لها: یا جاریة! صاحب هذه الدار حرٌّ أم عبد؟ فقالت: بل حرّ؛ فقال: صدقتِ، لو كان عبداً خافَ من مولاه!

فلمّا دخلت قال مولاها وهو علی مائدة السُّكر: ما أبطأَك علینا؟ فقالت: حدّثنی رجلٌ بكذا وكذا، فخرج حافیاً[59] حتّی لقی مولانا الكاظم علیه السلام فتاب علی یده.

وكان ولده علیّ الرضا[60] أزهد أهل زمانه وأعلمهم؛ وأخذ عنه فقهاء الجمهور كثیراً، وتولّاه[61] المأمون لعلمه بما هو علیه من الكمال والفضل[62] .

ووعظ یوماً أخاه زیداً فقال له: یا زید، ما أنت قائلٌ لرسول اللَّه صلی الله علیه وآله إذا سفكتَ الدماء وأخفتَ السبیل[63] وأخذتَ المال من غیر حِلّه؟! غرّك حُمقاءُ أهل الكوفة، وقد قال[64] رسول اللَّه صلی الله علیه وآله: «إنّ فاطمة أحصنت فَرجها فحرّم اللَّه ذرّیّتها علی النار»، واللَّهِ ما نالوا ذلك إلّا بطاعة اللَّه؛ فإن أردتَ أن تنال بمعصیة اللَّه ما نالوه بطاعته، إنّك إذاً لأكرم علی اللَّه منهم[65] .

وضرب المأمون اسمه علی الدراهم والدنانیر، وكتب إلی الآفاق ببیعته، وطرح السواد ولبس الخُضرة.

وقیل لأبی نؤاس: لِمَ لا تمدح الرضا علیه السلام؟ فقال:


قیل لی أنتَ أفضلُ النّاس طُرّاً
فی المعانی وفی الكلام البدیهِ


لك من جوهرِ الكلام بدیع[66] .
یُثمر الدرّ فی یدَیْ مُجتنیه[67] .


فلماذا تركتَ مدحَ ابنِ موسی
والخصالَ الّتی تجمّعن فیه


قلت: لا أستطیع مدحَ إمامٍ
كان جبریلُ خادماً لأبیه[68] .


وكان ولده محمّد الجواد علیه السلام علی منهاج أبیه فی العِلم والتقوی[69] والجود، ولمّا مات أبوه الرضا علیه السلام شغف به المأمون لكثرة علمه ودینه ووفور عقله مع صغر سنّه، فأراد[70] أن یزوّجه ابنته[71] اُمّ الفضل، وكان قد زوّج أباه الرضا علیه السلام بابنته اُم حبیب، فغلظ ذلك علی العبّاسیین واستكبروه، وخافوا أن یخرج الأمر منهم، وأن یُتابعه كما تابع أباه[72] ، فاجتمع الأدنون منه وسألوه تَرْك ذلك، وقالوا: إنّه صغیر[73] لا عِلم عنده. فقال: أنا أعرف به، فإن شئتم فامتحنوه؛ فرضوا بذلك، وجعلوا لیحیی[74] بن أكثم مالاً كثیراً علی امتحانه فی مسألة یُعجزه[75] فیها، فتواعدوا إلی یوم، فأحضَرَهُ المأمون، وحضر القاضی وجماعة العبّاسیین، فقال القاضی أسألُك عن شی ء؟ فقال لَهُ علیه السلام: سل[76] .

فقال: ما تقول فی مُحرمٍ قَتَل صیداً؟

فقال له الإمام علیه السلام:[77] أقَتَله فی حِلٍّ أم حَرَم؟ عالِماً كان أو جاهلاً؟ مُبتَدِئاً بقتله أو عائداً؟ مِن صغار الصید كان أو[78] من كبارها؟ عبداً كان المُحرِم أو حُرّاً؟ صغیراً كان أو[79] كبیراً؟ مِن ذوات الطیر كان الصید أو[80] من غیرها؟

فتحیّر یحیی بن أكثم وبان العجزُ فی وجهه، حتّی عرف جماعة أهل المجلس أمره، فقال المأمون لأهل بیته: عرفتم الآن ما كنتم تُنكرونه؟! ثمّ أقبل علی الإمام، فقال: أتخطب؟ فقال: نعم. فقال: إخطِب لنفسك خطبة النكاح! فخطب وعقد علی خمسمائة درهم جیاداً مهر جدّته فاطمة علیها السلام، ثمّ تزوّج بها[81] .

وكان ولده علیّ الهادی علیه السلام، ویُقال له: العسكریّ، لأنّ المتوكّل أشخصه من المدینة إلی بغداد، ثمّ منها إلی «سرّ مَن رأی»، فأقام (بموضع عندها یُقال له «العسكر»، ثمّ انتقل إلی «سرّ من رأی» فأقام)[82] بها عشرین سنة وتسعة أشهر، وإنّما أشخصه المتوكّل لأنّه كان یُبغض علیّاً علیه السلام[83] ، فبلغه مقام علیّ بالمدینة ومَیل الناس إلیه، فخاف منه، فدعا یحیی ابن هرثمة فأمره بإشخاصه، فضجّ أهل المدینة لذلك خوفاً علیه، لأنّه كان مُحسناً إلیهم، مُلازماً للعبادة فی المسجد، فحلف لهم یحیی أنّه لا مكروه علیه، ثمّ فتّش منزله فلم یجد فیه سوی مصاحف وأدعیة وكتب العلم[84] ، (فعظم فی عینه)[85] وتولّی خدمته بنفسه، فلمّا قدم بغداد بدأ بإسحاق بن إبراهیم الطاهریّ والی بغداد، فقال له: یا یحیی، هذا الرجل قد ولده رسولُ اللَّه صلی الله علیه وآله، والمتوكّل مَنْ تعلم، فإنْ حَرَّضتَه[86] علیه قَتَله وكان رسولُ اللَّه صلی الله علیه وآله خصمك.[87] فقال له یحیی: واللَّهِ ما وقعتُ منه إلّا علی خیر.

قال: فلمّا دخلتُ علی المتوكّل أخبرتُه بحسن سیرته وزُهده وورعه[88] ، فأكرمه المتوكّل[89] .

ثمّ مرض المتوكّل فنذر إن عُوفی تصدّق[90] بدراهم كثیرة، فسأل الفقهاء عن ذلك، فلم یجد عندهم جواباً، فبعث إلی علیّ الهادی علیه السلام یسأله[91] ، فقال: تصدّق بثلاثة وثمانین درهماً، فسأله المتوكّل عن السبب، فقال: لقوله تعالی: «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِی مَوَاطِنَ كَثِیرَةٍ»[92] ؛ وكانت المواطن هذه الجملة، فإنّ النبیّ صلی الله علیه وآله غزا سبعاً وعشرین غزاة، وبعث ستّاً وخمسین سریّة[93] .

قال المسعودیّ: نُمی إلی المتوكّل بعلیّ بن محمّد أنّ فی منزله سلاحاً من شیعته من أهل قم، وأنّه عازم علی المُلك؛ فبعث إلیه جماعة من الأتراك، فهجموا علی داره لیلاً فلم یجدوا شیئاً[94] ، ووجوده فی بیت مغلق علیه، وهو یقرأ (القرآن)[95] وعلیه مدرعة من صوف، وهو جالس علی الرمل والحصباء[96] ، متوجّه إلی اللَّه تعالی یتلو القرآن، فَحُمل علی حالته تلك إلی المتوكّل، فأُدخل علیه وهو فی مجلس الشراب[97] ، والكأس فی ید المتوكّل، فأعظمه[98] وأجلسه إلی جانبه[99] وناوله الكأس، فقال: واللَّهِ ما خامر لحمی ودمی قطّ (فأَعفنی!)[100] فأعفاه وقال له: أَسْمِعنی صوتاً، فقال علیه السلام: «كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُیُونٍ»...[101] الآیات؛ فقال: أنشِدنی شعراً! فقال: إنّی قلیل الروایة للشعر، فقال: لابدّ من ذلك، فأنشده[102] :


باتُوا علی قُلَلِ الأجبال[103] تحرُسُهُمْ
غُلْبُ الرِّجالِ فما أَغْنَتْهُمُ القُلَلُ


واستُنزِلُوا بعدَ عِزٍّ مِن مَعاقِلِهِمْ
واُسكِنُوا حُفَراً یا بِئسَ ما نَزَلُوا


ناداهُمُ صارخٌ من بعدِ دَفْنِهِمُ
أینَ الأساورُ والتّیجانُ والحُللُ


أینَ الوجوهُ الّتی كانَتْ مُنعَّمَةً
مِن دُونِها تُضْرَبُ الأَستارُ والكُلَلُ


فأَفْصَحَ القَبْرُ عنهُم حینَ سائلَهُ[104] .
تلكَ الوجوهُ علیها الدُّودُ یَقتتِلُ


قد طالما أَكَلُوا دهراً وقَد شَرِبُوا
فأَصْبَحُوا بعدَ طُولِ الأكلِ قد أُكِلُوا


فبكی المتوكّل حتّی بلّت دموعه لحیته[105] .

وكان ولده الحسن العسكریّ علیه السلام عالماً فاضلاً زاهداً، أفضل أهل زمانه[106] ، روت عنه العامّة كثیراً.

وولَدُهُ مولانا الإمام المهدیّ محمّد علیه السلام[107] ؛ روی ابن الجوزیّ بإسناده إلی ابن عمر، قال: قال رسول اللَّه صلی الله علیه وآله: یخرج فی آخر الزمان رجل من ولدی اسمُه كاسمی[108] وكُنیته كُنیتی، یملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، فذلك هو المهدیّ[109] .

فهؤلاء الأئمّة المعصومون[110] الذین بلغوا الغایة[111] فی الكمال، ولم یتّخذوا ما اتّخذ غیرُهم من الأئمّة المشتغلین[112] بالمُلك وأنواع المعاصی والملاهی وشُرب الخمور، والفُجور حتّی بأقاربهم[113] علی ما هو المتواتر من الناس.

قالت الإمامیّة: فاللَّه یحكم بیننا وبین هؤلاء وهو خیر الحاكمین.

وما أحسن قول بعض الناس:


إذا شئتَ أَن ترضَی لنفسِكَ مذهباً
وتعلَمَ أنّ الناسَ فی نَقلِ أخبارِ


فدَعْ عنكَ قولَ الشافعیِّ ومالِكٍ
وأَحْمَدَ[114] والمرویَّ عن كَعبِ أَحبارِ


ووالِ اُناساً[115] قولُهُم وحدیثُهُم
روی جدُّنا عن جبرئیلَ عن الباری


وما أظنُّ أحداً من المحصّلین[116] وقف علی هذه المذاهب، فاختار غیر مذهب الإمامیّة باطناً، وإن كان فی الظاهر یصیر إلی غیره طلباً للدنیا، حیث وضعت لهم المدارس والربط والأوقاف حتّی تستمرّ لبنی العبّاس الدعوة، ویشیّدوا للعامّة اعتقاد إمامتهم.

وكثیراً ما رأینا مَن یدین[117] فی الباطن بمذهب الإمامیّة، ویمنعه عن إظهاره حبّ الدنیا وطلب الریاسة، وقد رأیتُ بعض أئمّة الحنابلة[118] یقول: إنّی علی مذهب الإمامیّة، فقلتُ له: لِمَ تدرس علی مذهب الحنابلة؟ فقال: لیس فی مذهبكم البغلات[119] والمشاهرات.[120] وكان أكبر مدرّسی الشافعیّة فی زماننا حیث[121] توفّی أوصی بأن یتولّی أمره فی غسله وتجهیزه بعض المؤمنین، وأن یُدفن فی مشهد الكاظم علیه السلام، وأشهد علیه أنّه علی دین الإمامیّة.









    1. روی العامّة والخاصّة عن رسول اللَّه صلی الله علیه وآله أنّه قال: «أنا مدینةُ العلم، وعلیٌّ بابها، فمَن أراد المدینة فلیأتِ الباب». انظر: المستدرك 126:3 و127 بإسناده عن ابن عبّاس؛ و127:3 بإسناده عن جابر ابن عبداللَّه، وفیه: «فمن أراد العلم فلیأتِ الباب»؛ المناقب للخوارزمیّ 83 - 82 بإسناده عن ابن عبّاس؛ مناقب ابن المغازلیّ 85 - 80؛ حیث روی سبع روایات عن جابر وابن عبّاس وعلیّ علیه السلام، عن رسول اللَّه صلی الله علیه وآله باختلاف یسیر فی الألفاظ.

      وقد عقد العلّامة الأمینیّ قدس سره فصلاً فی رواة حدیث «أنا مدینة العلم»، فراجع الغدیر 61:6-77. وأورد فی ص78 و79 قائمة بأسماء من صرّح بصحّة سنده من أعلام العامّة.

      وقد ذكر ابن أبی الحدید المعتزلیّ فی مقدّمة شرح نهج البلاغة أسبقیّة علیّ علیه السلام فی العلوم، وذكر ذلك ابن شهرآشوب فی مناقبه 57 - 28: 2، وقال فی ص34: وقال النبیّ صلی الله علیه وآله بالإجماع: «أنا مدینة العلم، وعلیّ بابها، فمن أراد العلم فلیأتِ الباب»، رواه أحمد من ثمانیة طرق؛ وإبراهیم الثقفیّ من سبعة طرق؛ وابن بطّة من ستّة طرق؛ والقاضی الجعابیّ من خمسة طرق؛ وابن شاهین من أربعة طرق؛ والخطیب التاریخیّ (صاحب تاریخ بغداد) من ثلاثة طرق؛ ویحیی بن معین من طریقَین. وقد رواه السمعانیّ والقاضی الماوردیّ وأبو منصور السكریّ وأبوالصلت الهرویّ وعبدالرزّاق وشریك، عن ابن عبّاس ومجاهد وجابر، وهذا یقتضی وجوب الرجوع إلی أمیرالمؤمنین علیه السلام، لأنّه صلی الله علیه وآله كنّی عنه بالمدینة، وأخبر أنّ الوصول إلی عِلمه من جهة علیّ خاصّةً، لأنّه جعله كباب المدینة الذی لا یُدخل إلیها إلّا منه، ثمّ أوجب ذلك الأمر بقوله «فلیأتِ الباب»، وفیه دلیلٌ علی عصمته علیه السلام، لأنّ مَن لیس بمعصوم یصحّ منه وقوع القبیح، فإذا وقع كان الاقتداء به قبیحاً، فیؤدّی إلی أن یكون صلی الله علیه وآله قد أمر بالقبیح، وذلك لا یجوز؛ انتهی.

    2. انظر: أسباب النزول للنیسابوریّ: 331؛ وشواهد التنزیل 298:2؛ والتفسیر الكبیر للرازیّ 244:30؛ والدرّ المنثور للسیوطیّ 299: 6؛ ومناقب ابن المغازلیّ: 273 - 272.
    3. صحیح مسلم 1183:4/ ح2424 باب فضائل أهل بیت النبیّ، بإسناده عن عائشة؛ المستدرك 147:3؛ مجمع الزوائد 167:9؛ تفسیر الطبریّ 5: 22.
    4. ابن المغازلیّ: 309 - 307 بإسناده عن ابن عبّاس؛ مجمع الزوائد 168:9؛ ذخائر العقبی: 25.
    5. صحیح مسلم 1871:4/ ح 2403 باب فضائل علیّ بن أبی طالب، بإسناده عن عامر بن سعد بن أبی وقّاص، عن أبیه؛ مسند أحمد 185:1/ ح1611 عن عامر بن سعد بن أبی وقّاص، عن أبیه؛ المستدرك 150:3؛ تفسیر الطبریّ 213:3.
    6. فی «ش2»: بالحرب.
    7. آل عمران: 61.
    8. فی «ش1» و«ش2»: لا یخفی.
    9. فی «ش2»: الألوهیّة.
    10. فی « ش2»: الحسین.
    11. فی «ش1» و«ش2»: وكان.
    12. مناقب ابن شهرآشوب 81:4، عن تفسیر النقّاش، بإسناده عن سفیان الثوریّ، عن قابوس بن أبی ظبیان، عن أبیه، عن ابن عبّاس؛ وفیه أنّه صلی الله علیه وآله كان یقول له: «فدیتُ مَنْ فدیتُه بابنی إبراهیم». ورواه عنه المجلسیّ فی بحار الأنوار 153:22.
    13. فی حلیة الأولیاء 141:3: قال سعید بن المسیِّب: ما رأیتُ أحداً أورع من علیّ بن الحسین.

      وفی الجرح والتعدیل 179:6: قال یحیی بن سعید: حدّثنا علیّ بن الحسین أفضل هاشمیّ رأیتُه بالمدینة.

      وقال الزهریّ: لم أُدرك من أهل البیت رجلاً كان أفضل من علیّ بن الحسین.

    14. فی «ش2»: عبادة.
    15. فی «ش2»: فلم یمكّنه الزحام.
    16. الخِیم، بالكسر: الطبیعة والشیمة.
    17. فی «ش2»: روضة عرضت.
    18. فی «ش2»: فی كلّ یومٍ.
    19. البیت الأخیر ساقط من «ر». وانظر القصیدة فی دیوان الفرزدق 353:3-356؛ ومعارج الوصول للزرندیّ 91 - 90.
    20. فی «ش2»: رضاً.
    21. فی «ش2»: فی المدینة.
    22. فی «ش2»: مَن هو الآتی به.
    23. فی «ش1»: فلمّا مات زین العابدین علیه السلام.
    24. حلیة الأولیاء لأبی نعیم 136:3؛ تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزیّ: 327؛ معارج الوصول للزرندیّ 84؛ الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكیّ: 202 ف 4.
    25. فی «ش2»: وكان أعلم وقته.
    26. فی «ش1»: الحسین فی حجره یُداعبه.
    27. تذكرة الخواصّ: 337 عن المدائنیّ؛ معارج الوصول للزرندیّ: 93؛ الفصول المهمّة: 211 عن جابر بالمضمون؛ شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 69:3؛ مناقب ابن شهرآشوب 197:4.
    28. قال عنه مالك بن أنس - كما فی تهذیب التهذیب 104:2 - «ما رأت عین ولا سمعت اُذُن، ولا خطر علی قلب بشر أفضل من جعفر بن محمّد الصادق عِلماً وعبادة وورعاً».

      وقال عنه أبو حنیفة - كما فی جامع أسانید أبی حنیفة 222:2 -: «ما رُئی أعلم من جعفر بن محمّد، وإنّه أعلم الاُمّة».

      وقال عنه ابن حجر فی صواعقه: 120 «جعفر الصادق، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الرُّكبان، وانتشر صیته فی جمیع البلدان، وروی عنه الأئمّة الأكابر، كیحیی بن سعید، وابن جریح، ومالك، والسفیانین، وأبی حنیفة، وشعبة، وأیّوب السختیانیّ».

      وقال أبو نعیم فی حلیة الأولیاء 192:3: «الإمام الناطق، ذوالزمام السابق، أبو عبداللَّه جعفر بن محمّد الصادق، أقبل علی العبادة والخضوع، وآثَرَ العزلة والخشوع، ونهی عن الرئاسة والجموع».

      وقال القندوزیّ فی ینابیع المودّة 160:3: «قال عنه الشیخ أبو عبدالرحمن السلمیّ فی طبقات مشایخ الصوفیّة: جعفر الصادق، فاق جمیع أقرانه من أهل البیت، وهو ذو عِلم غزیر فی الدین، وزهد بالغ فی الدنیا، وورع تامّ عن الشهوات، وأدب كامل فی الحكمة».

      وقال كمال الدین محمّد بن طلحة الشافعیّ فی مطالب السؤول55:2: «جعفر بن محمّد هو من علماء أهل البیت وساداتهم، ذو علوم جمّة، وعبادةٍ موفورة، وأوراد متواصلة، وزهادة بیّنة، وتلاوةٍ كثیرة، یتتبّع معانی القرآن، ویستخرج من بحره جواهرَه، ویستنتج عجائبه، ویقسّم أوقاته علی أنواع الطاعات... استفاد منه جماعة من أعیان الاُمّة وأعلامهم، مثل یحیی بن سعید الأنصاریّ، وابن جریح، ومالك بن أنس، والثوریّ، وابن عُیینة، وأیّوب السختیانیّ، وغیرهم، وعدُّوا أخذهم منه منقبة شُرّفوا بها، وفضیلة اكتسبوها».

    29. فی «ش2»: السِّیَر.
    30. فی «ش1»: إنّه اشتغل. وفی «ش2»: إنّه قد اشتغل.
    31. فی «ش1»: عمرو بن المقدام.
    32. حلیة الأولیاء 193:3؛ تذكرة الخواصّ: 342؛ تهذیب التهذیب 104:2.
    33. فی «ش1» و«ش2»: لولدیه محمّد وإبراهیم.
    34. فی «ش2»: وقال.
    35. فی «ش2»: ولمّا هرب المنصور.
    36. مقاتل الطالبیّین: 142 - 140 و173 - 171؛ وانظر كلام أبی جعفر المنصور فی: 185 - 184.
    37. فی «ش1» و«ش2»: ویقوم.
    38. فی «ر»: وسُمّی.
    39. فی «ش2»: أُوبِّخنّه.
    40. الحجرات: 12.
    41. فی «ش1»: یا شقیق! إنّ بعض الظنّ إثم!.
    42. فی «ش2»: بما.
    43. فی «ش1» و«ش3»: یحالّنی.
    44. فی «ش1»: رأیته یصلّی.
    45. طه: 82.
    46. فی «ش1»: فرفع رأسه.
    47. فی «ش1»: ویشربه.
    48. فی «ش1»: وأنعم علیك.
    49. فی «ش1»: فناولنی.
    50. فی «ش1» و«ش2»: ألذّ منه ولا أطیب ریحاً.
    51. فی «ش1»: دخلتُ.
    52. فی «ش1»: المیزاب.
    53. فی «ر»: وإذا.
    54. فی «ش2»: وموالٍ.
    55. فی «ش1»: أن تكون مثل هذه العجائب.
    56. تذكرة الخواصّ: 349 - 348؛ الفصول المهمّة: 234 - 233؛ الصواعق المحرقة: 203؛ مطالب السؤول: 26؛ ورواه المجلسیّ فی بحار الأنوار 78:48 نقلاً عن أمثال الصالحین؛ قال: وقد نظموها:


      سَلْ شقیقَ البلخیّ عنه بما
      شاهد منه وما الذی كان أبصرْ


      قال: لمّا حججتُ عاینتُ شخصاً
      ناحلَ الجسم شاحبَ اللون أسمرْ


      سائراً وحده ولیس له زادٌ
      فما زلتُ دائباً أتفكّر


      وتوهّمتُ أنّه یسأل الناسَ
      ولم أدرِ أنّه الحجُّ الأكبر


      ثمّ عاینتهُ ونحنُ نزولُ
      دون «فیدٍ» علی الكثیب الأحمر


      یضعُ الرملَ فی الإناء ویشرب
      -ه فنادیتُهُ وعَقلی مُحیَّر


      أسقِنی شربةً، فلمّا سقانی
      منه عاینتُه سویقاً وسُكّر


      فسألتُ الحجیجَ: مَن یكُ هذا؟
      قِیل: هذا الإمام موسی بن جعفر.

    57. هو بشر بن الحارث الحافیّ، أورد أبو نعیم الأصبهانیّ ترجمته فی «حلیة الأولیاء» 336:8 وقال عنه: ومنهم من حباه الحقّ بجزیل الفواتح، وحماه عن وبیل الفواحد، أبو نصر بشر بن الحارث الحافیّ، المكتفی بكفایة الكافی، اكتفی فاشتفی.

      وذكره الخواجة عبداللَّه الأنصاریّ فی «طبقات الصوفیّة» 86 - 85؛ والقاضی نور اللَّه الشوشتریّ فی «مجالس المؤمنین» 12:2-14، ونقل عن ابن خلّكان أنّ جدّه الخامس عبداللَّه أسلم علی ید أمیرالمؤمنین علیّ علیه السلام. ثمّ ذكر صاحب المجالس أنّه تاب علی ید الإمام الهمام موسی الكاظم علیه السلام، ثمّ نقل قصّة توبته عن «منهاج الكرامة»، وذكر أنّ تاریخ وفاته كان یوم عاشوراء من محرّم الحرام سنة سبع وعشرین ومائتین. كما ذكره معصوم علی شاه فی «طرائق الحقائق» 184:2-186 ونقل قصّة توبته عن «منهاج الكرامة». وروی ابن قدامة المقدسیّ (ت 620 ه) هذه القصّة فی كتابه «التوّابین» ص211 ورمز للإمام الكاظم علیه السلام ب «رجل من الصالحین».

    58. فی «ر»: به.
    59. فی «ش2»: فخرج بشر حافیاً.
    60. فی «ش1»: وكان ولده الرضا.
    61. فی «ش1» و«ش2»: ولّاه.
    62. فی « ش1»: والفضائل.
    63. فی «ش1» و«ش2»: السبل.
    64. فی «ش2»: بما قال.
    65. ربیع الأبرار 426:4؛ عیون أخبار الرضا 234:2 بزیادة.
    66. فی «ش2»: نظام.
    67. سقط البیت من «ش1».
    68. تذكرة الخواصّ: 358. ورواه الصدوق فی عیون أخبار الرضا 146:2 باختلاف یسیر فی اللفظ.
    69. فی «ش1» و«ش2»: التُّقی.
    70. فی «ش1» و«ش2»: وأراد.
    71. فی «ر»: بنته.
    72. فی «ش1» و«ش2»: یبایعه كما بایع أباه.
    73. فی «ر»: وقالوا إنّه صغیر السنّ.
    74. فی «ش1»: وجعلوا للقاضی یحیی.
    75. فی «ش2»: یعجز.
    76. فی «ش1»: فقال: سَل عمّا بدا لك. وفی «ش2»: فقال له: سل عمّا بدا لك.
    77. فی «ش2»: فقال الإمام علیه السلام.
    78. فی «ش2»: أم.
    79. فی «ش2» و«ر»: أم.
    80. فی «ش2»: أم.
    81. الإرشاد للمفید: 323 - 319 مفصّلاً، بإسناده عن الریّان بن شبیب؛ إثبات الوصیّة للمسعودیّ: 191 - 188؛ إعلام الوری: 354 - 351؛ الاحتجاج 443:2-446؛ الفصول المهمّة: 270 - 267؛ وقال سبط ابن الجوزیّ فی تذكرة الخواصّ: 359: والإمامیّة تروی خبراً طویلاً فیه أنّ المأمون لمّا زوّجه كان عمر محمّد الجواد سبع سنین وأَشْهُر، وأنّه هو الذی خطب خطبة النكاح، وأنّ العبّاسیین شغبوا علی المأمون، ورَشَوا القاضی یحیی بن أكثم حتّی وضع مسائل لیخطّئ بها محمّد الجواد ویمتحنه، وأنّ الجواد خرج عن الجمیع.
    82. العبارة بین القوسین ساقطة من «ش2».
    83. والمتوكّل هو الذی أمر بهدم قبر الإمام الحسین علیه السلام فقال فیه الشعراء:


      تاللَّهِ إنْ كانت اُمیّةُ قد أتتْ
      قَتْلَ ابن بنتِ نبیِّها مظلوما


      فلقد أتته بنو أبیه بمثله
      هذا لعمرك قبرُه مهدوما


      أسفوا علی أن لا یكونوا شاركوا
      فی قتله فتتبّعوه رَمیما


      وهو الذی یقف شاعره مروان بن أبی الجنوب فیُنشده شِعراً ینال فیه من آل علیّ علیه السلام ویذمّ شیعتهم، فیأمر المتوكّل أن یُنثر علی رأسه ثلاثة آلاف دینار ویعقِد له علی إمارة البحرین والیمامة ویخلع علیه أربع خُلَع. [انظر الكامل فی التاریخ 38:7].

      وهو الذی لمّا بلغه أنّ نصر بن علیّ حدّث أنّ رسول اللَّه صلی الله علیه وآله أخذ بید حسن وحسین فقال: «من أحبّنی وأحبّ هذین وأباهما واُمّهما كان معی فی درجتی یوم القیامة»، أمر بضربه ألف سوط. [انظر تاریخ بغداد 287:13-288].

      وهو الذی أمر عمرَ بن الفرج الرخّجی عاملَه علی المدینة ومكّة بتشدید الوطأة علی العلویّین، حتّی كان القمیص یكون بین جماعة من العلویّات یصلّین فیه الواحدة بعد الاُخری، ثمّ یرقّعنه ویجلس علی مغازلهنّ عواری حواسر. [انظر مقاتل الطالبیین: 599]

      قال جرجی زیدان فی «تاریخ التمدّن الإسلامیّ» 120:5 ضمن كلامه عن السخاء علی الشعراء والمغنّین: «وفاقهم المتوكّل فی ذلك، لأنّه أعطی حسین بن الضحّاك ألف دینار عن كلّ بیت من قصیدة قالها، وهو أوّل من أعطی ذلك».

      وقال فی ص124 من كتابه المذكور: «وكتب التاریخ والأدب مشحونة بأخبار مجالس الشراب، وهی فی الغالب مجالس الغناء، ویندر أن یترفّع خلیفة أو وزیر عنها، ومِن أكثر العبّاسیین رغبةً فیها: الهادی والرشید والأمین والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكّل..».

      ولولا الخوف من الإطالة، لنقلتُ ما جاء فی كتب التواریخ والسیرة والأدب عن ظلمه وإسرافه وخلاعته وفسقه وفجوره، لكنّی أكتفی فی هذه العُجالة بما قاله ابن الأثیر فی الكامل 115:7:

      «وذُكر أنّ المنتصر كان شاور فی قتله أبیه (المتوكّل) جماعة من الفُقهاء، وأعلمهم بمذاهبه، وحكی عنه اُموراً قبیحةً كرهتُ ذكرها، فأشاروا بقتله، فكان كما ذكرنا بعضه» انتهی.

      أقول: ولا أدری لِمَ كَرِه ابنُ الأثیر المؤرّخ ذِكرَ الاُمور القبیحة التی حكاها المنتصر للفُقهاء عن أبیه حتّی أشاروا بقتله، بینما یُفیض فی نقل سواها من أخبار المطربات والمغنّیات والمهرّجین؟! قاتل اللَّه العصبیّة! وقد صدق من قال: حُبّك الشی ء یُعمی ویُصمّ! ولعلّ ابن الأثیر تعلّم من سلفه الطبریّ هذا الاُسلوب فی رعایة الأمانة العلمیّة حین أعرض - أعنی الطبریّ - عن نقل المكاتبات التی دارت بین محمّد بن أبی بكر ومعاویة [تاریخ الطبریّ 557:4]، وعلّل ذلك بقوله: كرهتُ ذِكرها لِما فیه ممّا لا یحتمل سماعَه العامّة!

    84. فی «ش2»: المصاحف وكتب الأدعیة والعلم.
    85. مابین القوسین سقط من «ش1».
    86. فی «ش1»: تحرّضه؛ وفی «ش2»: حرّضتَ.
    87. فی «ش1» و«ش2»: خصمك یوم القیامة.
    88. فی «ش2»: بحسن ورعه وزهده.
    89. تذكرة الخواصّ: 360 - 359؛ مروج الذهب 84:4-85؛ الفصول المهمّة: 281 - 279، وقال ابن الصبّاغ: فأقام أبوالحسن (الهادی) مدّة مقامه ب «سرّ من رأی» مكرّماً معظّماً مبجّلاً فی الظاهر، والمتوكّل یبتغی له الغوائل فی باطن الأمر، فلم یُقدره اللَّه علیه.
    90. فی «ش2»: أن یتصدّق.
    91. فی «ش1» و«ش2»: وسأله.
    92. التوبة: 25.
    93. تذكرة الخواصّ: 360؛ مناقب ابن شهرآشوب 402:4؛ بحار الأنوار 162:50-163.
    94. فی «ر»: فلم یجدوا فیها شیئاً.
    95. مابین القوسین سقط فی «ش2» و«ر».
    96. فی «ش1» و«ش2»: الحصی.
    97. فی «ش2»: وهو جالس فی الشراب.
    98. فی «ش1» و«ش2»: فعظّمه.
    99. فی «ش2»: جانب.
    100. مابین القوسین سقط فی «ش1».
    101. الدخان: 25.
    102. فی «ش1»: فأنشد.
    103. فی «ش1» و«ش2»: الجبال.
    104. فی «ش1»: سائلهم.
    105. مروج الذهب 111:4؛ تذكرة الخواصّ: 361؛ نور الأبصار للشبلنجیّ: 150.
    106. فی «ش»: أفضل زمانه.
    107. فی «ر»: وولد مولانا الإمام المهدی محمّداً.
    108. فی «ش2»: اسمی.
    109. تذكرة الخواصّ: 364 - 363.

      وقد تواترت الأخبار بظهور المهدیّ علیه السلام وخروجه فی آخر الزمان، وبأنّه من ولد رسول اللَّه صلی الله علیه وآله ومن ولد فاطمة علیها السلام، ومن ولد علیّ علیه السلام، ومن ولد الحسین علیه السلام، وبأنّه التاسع من ولد الحسین علیه السلام. ولم تختصّ هذه الأخبار بالشیعة دون السنّة، فقد رواها أعاظم علماء السنّة فضلاً عن علماء الشیعة، كالبُخاریّ فی صحیحه وتاریخه الكبیر، ومسلم فی صحیحه، وأحمد فی مسنده، وابن ماجة فی سننه، وأبی داود فی سننه، والترمذیّ فی جامعه، والطبرانیّ فی معاجمه ا لثلاثة: الصغیر والأوسط والكبیر، والحاكم النیسابوریّ فی المستدرك علی الصحیحَین، والطیالسیّ فی مسنده، وعبدالرزّاق الصنعانیّ فی المصنّف، والحمیدیّ فی مسنده، وابن أبی شیبة فی المصنّف، وأبی یعلی الموصلیّ فی مسنده، والبزّار فی مسنده، وابن حبّان فی صحیحه، والبیهقیّ فی «البعث والنشور»، والدیلمیّ فی فردوس الأخبار، والبغویّ فی مصابیح السنّة، وابن الأثیر فی جامع الاُصول، والهیثمیّ فی مجمع الزوائد، والسیوطیّ فی الدرّ المنثور والجامع الصغیر والعُرف الوردیّ، والمتّقی الهندیّ فی كنز العمّال، وأبی نعیم الأصبهانیّ فی أخبار أصبهان، وكثیر غیرهم.

      كما صُنّفت فی موضوعه كتب كثیرة، منها: الفتن لنعیم بن حمّاد المروزیّ، ومناقب المهدیّ لأبی نعیم الأصبهانیّ، والملاحم لأحمد بن جعفر البغدادیّ المعروف ب «ابن المنادی»، والسُّنن لعثمان بن سعید الدانیّ، وعِقد الدرر فی أخبار المنتظر للشافعیّ السلمیّ، والبیان للكنجیّ الشافعیّ، والبرهان للمتّقی الهندیّ، والعُرف الوردیّ فی أخبار المهدیّ للسیوطیّ، والمشرب الوردیّ فی مذهب المهدیّ للهرویّ الحنفیّ القاری، وفرائد فوائد الفكر فی الإمام المهدی المنتظر لمرعی بن یوسف الحنبلیّ، والإشاعة للبرزنجیّ، وغیرها.

    110. فی «ش1»: وهؤلاء الأئمّة الفضلاء المعصومون.
    111. فی «ش2»: العلیة.
    112. فی «ش2»: الأئمّة المتغلّبین المشتغلین.
    113. فی «ش1»: أتوا ربّهم.
    114. فی «ر»: قول الشافعیّ وأحمد - ومالك.
    115. فی «ش2»: رجالاً.
    116. فی «ش1»: المخلصین.
    117. فی «ش1» و«ش2»: یتدیّن.
    118. فی «ر»: بعض الحنابلة.
    119. فی «ش2»: الغلات.
    120. فی «ر»: المسامرات.
    121. فی «ش2»: حین.